انتبه فأنت مختلف

r

انتبه فأنت مختلف ولست مثل أحد لا أحد يتطابق مع أحد فكل منا يضيف إلى أرشيف البشرية سجل مختلف عن سجلات الآخرين اختلاف البشر سنة إلهية في خلق البشر، فلكل واحد صفاته المميزة له وأفضلياته الخاصة وذوقه المتفرد وردود أفعاله وسلوكياته الخاصة به قد نشترك مع الأخر في بعض ما سبق ولكن لا نتطابق وهذه حكمة الخالق لأن الاختلاف يؤدى إلى التكامل، فما ينقصني تكمله أنت فلكل منا قصة في حد ذاته، وما يصلح لغيرك ليس حتميا يناسبك لذا يخطئ من يظن أن حلول نفس المشكلات تصلح للجميع، فالمشكلة الواحدة تختلف ملابساتها من فرد لأخر وبالتالي الحل سيختلف أيضا ولنأخذ مثال بسيط وهو الفقر المالي، سنجد من يقول مباشرة دون دراسة ملابسات الفقير أن الحل هو العمل بجدية أو زيادة ساعات العمل ويستفيض في هذا الاتجاه ولكن عندما تدرس حالات الفقراء كل على حدا ستجد أن هذا الحل ملائم للبعض ومستحيل للبعض فالأرملة المريضة التي ترعى أطفال والمسن الذي بلغ من العمر عتيا والمعاق القعيد و… من المحال أن يناسبهم هذا الحل على الرغم من أنه قد يناسب أرامل ومسنين ومعاقين أخرين ولكن بظروف مختلفة وهذا ينطبق على باقي التفاعلات الحياتية الأخرى، فقد يكون الصبر على زواج غير سعيد حل مناسب لفتاة والانفصال الفوري هو الحل الأنسب لشقيقتها وأيضا السفر للخارج هو خطوة إيجابية يبحث عنها شاب متعلم طموح يسعى لبناء مستقبله ولكن تلك الخطوة مستبعدة تماما لدى أخر أكثر منه مهارات وتعليم نتيجة كونه وحيد والديه المسنين حتى على مستوى علاج الأمراض فيكتب الطبيب الواحد لشخصين مصابان بنفس المرض وصفات مختلفة لذلك قبل الحكم على أحد فلا بد من دراسة ملابساته الخاصة، فنحن وإن تشابهت مشكلاتنا واحتياجاتنا ظاهريا، فتفصيليا ستختلف كل الاختلاف لدرجة أنه على مستوى الشخص الواحد ما كان يحلم به ويسعى إليه سابقا قد يرفضه وبشدة عندما يأتي إليه حاليا وهذا الاختلاف هو سر ديمومة الحياة لأن ما يتركه غيرنا نقبل عليه نحن وما نسعى إليه يتركه غيرنا فتكتمل مسيرة الحياة، فهذا ينتج وهذا يستهلك، وهذا يعرض وذاك يطلب، وهؤلاء يفروا وغيرهم يقبلوا وهنا لا يجب أن نقول على هذا محق أو هذا مخطئ لو اتخذا موقفين متعارضين تجاه شيء واحد فلكل منهم دوافعه في ضوء ما يطيق وما لا يطيق وصدق الله العظيم، فهو القائل: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) (هود: 18). وفي التفاسير قيل إن الاختلاف هنا هو الإيمان على ملة واحدة، فحتى الإيمان ترك الله البشر فيه مختلفين بإرادته فطبقا لطبيعة البشر فالأشخاص لن يكونوا متطابقين إلى درجة زوال الفروق الفردية بينهم ولن يكونوا نسخا مكررة عن بعضهم وعندما نصل لهذا الفهم سنجد أنفسنا راضين عن أنفسنا قانعين بما في أيدينا وأننا نملك ما لا يملكه من نحلم بما في أيديهم . *