عدد الضغطات : 1,522عدد الضغطات : 1,146عدد الضغطات : 1,470عدد الضغطات : 2,685
عدد الضغطات : 2,658عدد الضغطات : 3,615عدد الضغطات : 777عدد الضغطات : 732
عدد الضغطات : 1,015عدد الضغطات : 545عدد الضغطات : 644عدد الضغطات : 95
عدد الضغطات : 1,925عدد الضغطات : 682عدد الضغطات : 1,036عدد الضغطات : 992
عدد الضغطات : 575عدد الضغطات : 1,894عدد الضغطات : 627عدد الضغطات : 314

الإهداءات



إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-04-2019, 07:37 AM
االغالي غير متواجد حالياً
Qatar     Male
Awards Showcase
 
 عضويتي » 568
 جيت فيذا » Jan 2019
 آخر حضور » 11-04-2020 (08:50 PM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 44,648 [ + ]
تقييمآتي » 100
الاعجابات المتلقاة » 375
الشكر المتلقاة »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  » abudhabi
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  » Qatar
 التقييم » االغالي will become famous soon enoughاالغالي will become famous soon enough
ام ام اس ~
MMS ~
 
افتراضي أخْلآقْ العَملُ فِي السُنةِ النَبويةِ




أخْلآقْ العَملُ فِي السُنةِ النَبويةِ

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على رسول الله المَبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإذا كان القرآن الكريم مصدر التشريع الأول لأحكام الإسلام وأخلاقه، فإن السنَّة النبوية تمثِّل التطبيق العملي الكامل والشامل لهذا الكتاب العظيم؛ إذ لا يُستغنى بالقرآن عنها، "ولا يُمكن أن يُفهم القرآن على حقيقته، وأن يُعلم مُرَادُ الله من كثير من آيات الأحكام فيه، إلا بالرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عليه الكتاب لِيُبَيِّنَ للناس ما نُزِّلَ إليهم من ربهم".
يُشار هنا إلى أن السنَّة النبوية قد تبوأت منزلة عظيمة في الإسلام، فبالإضافة لكونها التطبيق العملي للقرآن المجيد، فهي - أيضًا - تكشف غوامضَه، وتشرَح ألفاظه، وتوضِّح مُبهمَه، وتزيل إشكاله.
وقد رأيت أن أُجمل هذا المعنى في جانبين مختصرَين كالآتي:
الجانب الأول: الرسول صلى الله عليه وسلم تجسيد عملي لأخلاق القرآن:
فيما يخص أخلاق العمل، فقد كانت السنَّة النبوية تطبيقًا عمليًّا، ونموذجًا يُحتذى في جميع ميادين هذا الجانب؛ حيث عمل صلى الله عليه وسلم في شبابه راعيًا للغنم - ككُلِّ الأنبياء عليهم السلام - وتاجرًا، وقائدًا ملهمًا، مكَّن الله تعالى له، فمارَس مهام الدولة بكل احتراف وحِكمة وقوَّة.
وكان القرآن الكريم منهلاً ثرًّا للرسول صلى الله عليه وسلم، ومعينًا لا ينضب، ومجالاً خصبًا، ومنبعًا فياضًا؛ إذ استلهم منه صلى الله عليه وسلمأخلاقه، فأضاف إلى كماله الخلقي كمالاً، وإلى جميل أدبه جمالاً؛ وذلك بهدايته لكل خير، وإرشاده لكل معروف، حتى أصبح صلى الله عليه وسلمكأنه قرآن يَمشي على الأرض في أفعاله وأقواله؛ لذلك قالتأُمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سألهاسعد بن هشام بن عامرعن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلتُ: بلى، قالت: "فإنَّ خُلق نبيِّ الله صلى الله عليه وسلمكان القرآن"، ولأنه صلى الله عليه وسلم مُبلِّغ عن ربه تعالى؛ فهو يَمتثِل أمره في كلِّ شأنه قولاً وعملاً.
قال ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]: "ومعنى هذا: أنه عليه السلام صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيةً له، وخلُقًا تطبَّعه، وترك طبعَه الجبليَّ، فمهما أمره القرآن فعَله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم، من الحياء والكرم والشجاعة، والصفح والحلم، وكل خلق جميل".
وأخلاقه صلى الله عليه وسلم أدعى لقبول الناس لأمره، ومؤشرٌ واضح على صدقه، "وما زال العقل السليم في كل عصر، يستدلُّ بخُلق النبي صلى الله عليه وسلم على صدق نبوَّته، كاستدلاله بنبوته على عظم أخلاقه".
وقد زخرت سنته صلى الله عليه وسلم بصنوف المشاهد التي تقعِّد للعمل وأخلاق المِهَن، حتى صُنِّفت في ذلك كثير من الأجزاء الدالة على طريقته صلى الله عليه وسلم في الولاية، وممارسته المهام بنفسه، وتفويضه الآخرين، وأنواع المعاملات والوظائف التي كانت في عهده، ومن تولاها من الصحابة رضي الله عنهم، مثل:
• "كتاب الكسب"؛ لمحمد بن الحسن الشيباني (189هـ)
• "تخريج الدلالات السمعية، على ما كان في عهد رسول الله من الحِرَف والصنائع والمعاملات الشرعية"؛ لأبي الحسن التلمساني (789 هـ).
• "التراتيب الإدارية، والصناعات والمتاجِر والحالة العلمية، التي كانت على تأسيس المدينة الإسلامية، في المدينة المنورة العلية"؛ لعبدالحي الكتاني (1382)، وغيرها كثير.
وقد هدف القرآن الكريم من تهيئة النبي صلى الله عليه وسلم لصالح الأوصاف، ومكارم الأخلاق - لأن تنتفع به الأمة كلها، بل الإنسانية عن آخرها؛ لأن "تربية القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم تربية لأمته"، وما أمره تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بمثل قوله: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]إلا توجيهٌ للناس بأن يتمسَّكوا بهذه الأخلاق.
الجانب الثاني - نماذج من أخلاقه صلى الله عليه وسلم في الأعمال:
تعدَّدت ملامح الإعجاز في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، فمع اتفاق العقلاء على أن القرآن الكريم هو المُعجِزة الكبرى، والآية العظمى والأُولى له صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لم يَغِبْ عن واقع الفكر جوانب العظمة، وملامح الإعجاز في شخصِه صلى الله عليه وسلم، فطفق بعضهم يَنسبها إلى خلقه وصفاته النفسية، بينما نسَبها آخرون إلى صدقه، وآخرون رأوها في شخصيته وأفكاره، وآخرون في شمائله وسيرته صلى الله عليه وسلم، أو فيما فعله في دنيا الناس.
قال الغزالي: "اعلم أن من شاهد أحواله صلى الله عليه وسلم، وأصغى إلى سماع أخباره المُشتملة على أخلاقه وأفعاله وأحواله وعاداته وسجاياه، وسياسته لأصناف الخَلقِ، وهدايته إلى ضبطهم، وتألُّفه أصناف الخلقِ وقَوده إياهم إلى طاعته، مع ما يُحكى من عجائب أجوبتِه في مضايق الأسئلة، وبدائع تدبيراته في مصالح الخَلقِ، ومحاسن إشاراته في تفصيل ظاهر الشرع الذي يعجز الفقهاء والعقلاء عن إدراك أوائل دقائقها في طول أعمارِهم - لم يبْقَ له ريب ولا شك في أن ذلك لم يكن مكتسبًا بحيلة تقوم بها القوة البشرية، بل لا يتصوَّر ذلك إلا بالاستمداد من تأييد سماويٍّ وقوة إلهية، وأن ذلك كله لا يتصور لكذاب ولا ملبِّس، بل كانت شمائله وأحواله شواهد قاطعةً بصدقِه، حتى إن العربي القح كان يراه فيقول: والله ما هذا وجه كذاب، فكان يشهد له بالصدق بمجرد شمائله، فكيف مَن شاهد أخلاقه ومارس أحواله في جميع مصادره وموارده؟ وإنما أوردْنا بعض أخلاقه لتعرف محاسن الأخلاق، وليتنبَّه لصدقه صلى الله عليه وسلم، وعلوِّ منصبه ومكانته العظيمة عند الله؛ إذ آتاه الله جميع ذلك وهو رجل أميٌّ لم يُمارس العلم، ولم يُطالع الكتب، ولم يُسافر قطُّ في طلب علم، ولم يزل بين أظهر الجهال من الأعراب يتيمًا ضعيفًا مستضعَفًا، فمن أين حصل له محاسن الأخلاق والآداب ومعرفة مصالح الفقه - مثلاً - فقط دون غيرهم من العلوم، فضلاً عن معرفة الله تعالى وملائكته وكتبه، وغير ذلك من خواص النبوة لولا صريح الوحي؟ ومن أين لقوة البشر الاستقلال بذلك؟ فلو لم يكن له إلا هذه الأمور الظاهرة، لكان فيه كفاية".
ولننظر إلى بعض هذه الملامح الإعجازية في طرف قصير من أخلاقه صلى الله عليه وسلم في المِهَن، لكن ضمن ما يسمح به المجال هنا:

الفرع الأول - القوة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن القوي خير وأفضل عند الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك ولا تَعجِز، فإن غلبك أمر فقل: قدر الله وما شاء صنَع، وإياك واللَّو؛ فإن اللو تفتح عمل الشيطان)).
لم تقيَّد القوة هنا بشيء، فيدخل فيها القوة في العمل وغيره، وهي خلُق محمود في جميع الوظائف لكن بتفاوت بينها من حيث الأهمية؛ قال ابن تيمية - رحمه الله -: "القوة في كل ولاية بحسبها؛ فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب والخِبرة بالحروب والمُخادَعة فيها، والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل والقدرة على تنفيذ الأحكام"
ووقع في هذا الحديث الفرق بين المؤمن القوي والمؤمن الضعيف؛ "لأن المؤمن القوي ينفع نفسه وينفع غيره؛ وربما تعدَّت منفعته إلى أهله وقومه وأمة دهرِه، والمؤمن الضعيف قد يقتصر بنفعه على نفسه، وأخاف على ضعفه أيضًا أن يضعف على حفظ نفسه، ولأن المؤمن القوي يكسر حزب الشيطان بقوله إذا قال، وبفعله إذا فعل، والمؤمن الضعيف أخاف عليه في مواطن يضعف فيها، فيكون كاسِرًا لحزب الحق، والقوة في الإيمان أن يعمل المؤمن بعزائم الشرع في مواطنها، وألا يَجبن على الأخذ برخص الشرع في مواطنها، وألا يترك المسلمين من يده حفاظًا لدينهم، ومهتمًّا بهم: ذَكَرهم وأنثاهم، عالِمهم وجاهلهم، مهتمًّا بتدبير العامة، عالمًا بأسرار الخاصة، إن كان ذا أمر، وإلا قال لكل ذي لبٍّ: إنه يصلح أن يكون ذا إمرة، وأما المؤمن الضعيف فعلى ضدِّ ذلك قانعًا بأن يسلم بنفسه".
وقد تحلى صلى الله عليه وسلم بأحسن الأخلاق، فترفَّع عن القدح والذم المُطلَق عند الحكم والمقارنة بين الأعيان، فقال: ((وفي كلٍّ خير))، "وفي هذا الاحتراز فائدة نفيسة، وهي أن على مَن فاضل بين الأشخاص أو الأجناس أو الأعمال أن يذكر وجه التفضيل، وجِهة التفضيل، ويَحترز بذكرِ الفضل المُشترك بين الفاضل والمفضول؛ لئلا يتطرَّق القدح إلى المفضول، وكذلك في الجانب الآخر إذا ذكرت مراتب الشر والأشرار، وذكر التفاوتَ بينهما، فينبغي بعد ذلك أن يذكر القدر المشترك بينهما من أسباب الخير أو الشر، وهذا كثير في الكتاب والسنَّة".
وقد سطر صلى الله عليه وسلم نموذجًا رائعًا في مجال القوة المحمودة؛ حيث جاء شاملاً لكل مناحي الحياة؛ الروحية والنفسية والبدنية والعقلية وغيرها، مما يعدُّ إعجازًا خلقيًّا رائدًا؛ حيث كان صلى الله عليه وسلم مثالاً يُحتذى في جميع ذلك.

الفرع الثاني - الإحسان:
عن شدَّاد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الله كتَب الإحسان على كل شيء، فإذا ذبحتُم، فأحسِنُوا الذَّبْح، وإذا قتلْتُم، فأحسِنوا القتلة، وليحدَّ أحدكم شفرتَه، وليُرِحْ ذبيحته)).
إن المتأمِّل في حضارة الإسلام وسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم ليبهر من خصائص دعوته وتشريعاته، فهو يُنظِّم علاقة الإنسان مع خالقه، وفي الوقت ذاته يرسخ علاقته مع غيره من الخلائق، وكذا هو الإحسان، "إحسان في عبادة الخالق، بأن يَعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، وهو الجد في القيام بحقوق الله على وجه النُّصح، والتكميل لها، وإحسان في حقوق الخَلقِ".
وعند التمعن في ألفاظ هذا الحديث، نجد أنفسنا أمام معانٍ عديدة كلُّها شديدة النزع إلى ساحة الإحسان، فهو يربط بين الإتقان والإحسان، وكذا الرحمة وعدم الغلوِّ أو التفريط، وإلى رعاية شؤون الغير، والدقة في إنهاء المهمات، وعدم الإساءة إلى الآخرين، أو الاعتداء على حقوقهم، "وأصل الإحسان الواجب أن تقوم بحقوقهم الواجبة؛ كالقيام ببِرِّ الوالدين، وصِلة الأرحام، والإنصاف في جميع المعاملات، بإعطاء جميع ما عليك من الحقوق، كما أنك تأخذ مالك وافيًا؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النساء: 36]، فأمر بالإحسان إلى جميع هؤلاء".
لكن ما هو أشد إبهارًا للمتأمل في التوجيه النبوي ذلك البيان المعجز؛ إذ دعا الناس إلى الإحسان بذكر مواطن قد يُستبعد فيها الإحسان؛ إشارة إلى عدم إعذار تاركه، ولو كان قتلاً: عقوبة أو حدًّا، بل حتى لو كان ذبحًا واقعًا على البهائم.
قال السعدي: "ويدخل في ذلك الإحسان إلى جميع نوع الإنسان، والإحسان إلى البهائم، حتى في الحالة التي تزهق فيها نفوسها؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة))، فمن استحق القتل لموجب، قُتل بضرب عنقه بالسيف، من دون تغرير ولا تمثيل، فإذا كان العبد مأمورًا بالإحسان إلى من استحقَّ القتل من الآدميين، وبإحسان ذبحةِ ما يُراد ذبحه من الحيوان، فكيف بغير هذه الحالة؟".
وفوق ما هو جانب إعجازي في مجال الأخلاق، فهو - أيضًا - مُعجز في باب التشريع والأحكام الذي لم تَصل له البشرية المعاصرة بعد؛ إذ لم تزل لم تُحسن في هذه الميادين.

الفرع الثالث - المسؤولية والرقابة الذاتية:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا كلُّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته؛ فالإمام الذي على الناس راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيتِه، والمرأة راعية على أهل بيت زوجِها وولده، وهي مسؤولة عنهم، وعبدُ الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيته)).
هذا الحديث أصل في تحمُّل المسؤولية التي سوف يحاسب عنها الإنسان يوم القيامة، وفيه توسيع لمفهوم المسؤولية الذاتية ليُصبح أفراد الأمة كلهم رعاةً لمصالحها، فمعنى "الراعي" ها هنا: "الحافظ المؤتمن على ما يليه".
فالرعية كل مَن شمله حفظ الراعي ونظره؛ فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته؛ يقال: رعى الأمير القوم رعايةً فهو راعٍ؛ أي: قام بإصلاح ما يتولاه، وهم رعية: فعيلة بمعنى مفعول، ودخلت التاء لغلبة الاسمية، ((والرجل راعٍ على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده))؛ أي: ولد زوجها، ((وهي مسؤولة عنهم)) عن حق زوجها وأولاده، وقال الطيبي: الضمير راجع إلى بيت زوجها وولدِه، وغلب العقلاء فيه على غيرهم، ((وعبد الرجل راعٍ على مال سيده))"
ومقتضى البلاغة النبوية تفيد أن الراعي الذي وكل إليه مهمَّة، ومطلوب منه رعايتها على أكمل وجه؛ لذا "قال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه، وهو ما تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء، فهو مطالَب بالعدل فيه والقيام بمصالِحه في دينه ودنياه ومتعلقاته"
من هنا فقد أتاحت السنة النبوية ميدانًا فسيحًا أمام نمو خلُقِ الرقابة الذاتية بين المسلمين، وقد يعبر عنها بإحساس العامل بأنه مكلَّف بأداء العمل ومؤتمنٌ عليه، من غير حاجة إلى من يُذكِّره بمسؤوليته؛ لذا كانت عاملاً مهمًّا لنجاح المهمَّة؛ لأنها تُغني عن كثير من النظم واللوائح والتوجيهات والمحاسَبة والتدقيق وغير ذلك، وهو ما عبر عنه البغوي بقوله: "مَعْنَى الرَّاعِي هَهُنَا: الْحَافِظُ الْمُؤْتَمَنُ عَلَى مَا يَلِيهِ، أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّصِيحَةِ فِيمَا يَلُونَهُ، وَحَذَّرَهُمُ الْخِيَانَةَ فِيهِ بِإِخْبَارِهِ أَنَّهُمْ مَسْؤولُونَ عَنْهُ. فَالرِّعَايَةُ: حِفْظُ الشَّيْءِ وَحُسْنُ التَّعَهُّدِ".
هذا أولاً، وثانيًا: فإنها تشمل قطاعات غير محدودة من المجتمع؛ إذ يُصبح لدى كل عامل شعور بتعلُّق إنجاز عمله به وحده دون سواه، فالرعاية هنا وظيفة ومهمة تعني فرداً أو جهة مخصوصة، وعندئذٍ هي: حفظ الشيء، وحسن التعهد؛ فقد استوى هؤلاء في الاسم، ولكن معانيهم مُختلفة، فرعاية الإمام: ولاية أمور الرعية، والحياطة من ورائهم، وإقامة الحدود والأحكام فيهم، ورعاية الرجل أهله بالقيام عليهم بالحق في النفقة، وحسن العِشرة، ورعاية المرأة في بيت زوجها بحسن التدبير في أمر بيته، والتعهد لخدمة أضيافه، ورعاية الخادم حفظ ما في يده من مال سيده والقيام بشغله"
وليس في هذا المفهوم النبوي الشامل في مجتمع الإسلام فردٌ بطَّال غير معني برعية، وهو ما قصده العيني في شرحه لصحيح البخاري بقوله: "وَإِذا لم يكن للرجل رعية، يكون راعيًا على أعضائه وجوارحه وقوَّة حواسه"، وأعظِمْ بها من مهمَّة!
ومؤدى هذه المسؤولية تسهيل عمل الرقابة الحكومية، ورفع مستوى الإنتاج، وخفض كلفة الإنفاق لدى الجهات المعنية في مجال المتابعة والرقابة، وهو مَنحى إعجازي فريد في جانب الأخلاق من جهة السنَّة النبوية الشريفة.

النموذج الرابع - مكافحة الفساد المالي والإداري:
عن أبي حميد الساعدي، قال: استعملَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على صدقات بني سُليم، يُدعى ابن اللُّتْبِيَّةِ، فلما جاء حاسَبَه، قال: هذا مالُكم، وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهلا جلستَ في بيت أبيك وأمك، حتى تأتيَك هديتُك إن كنت صادقًا!))
هذا الحديث أصل في منع هدايا الموظَّفين وتحريمها، وهو من جوانب تميُّز السنة النبوية في مجال محاسبة العمال على الكسب غير المشروع، واعتبار هدايا الناس لهم رشًا وسُحْت؛ لأن هذا الحديث: "يدلُّ على أن ما أهدي إلى العامل في عمالته، والأمير في إمارته شكرًا لمَعروف صنعه، أو تحبُّبًا إليه، أنه في ذلك كله كأحد المسلمين لا فضل له عليهم فيه؛ لأنه بولايته عليهم نال ذلك، فإن استأثر به فهو سحت، والسحت كل ما يأخذه العامل والحاكم على إبطال حق، أو تحقيق باطل، وكذلك ما يأخذه على القضاء بالحق".
وفي هذا التوجيه النبوي المُحكَم: إشارة رائدة منه صلى الله عليه وسلم إلى مواجَهة أزمة الفساد الإداري والمالي، وفيه بيان خطرها على كل من الموظَّف والإدارة وصاحب العمل، بل على الأمة بأَسرِها، وهي لفتة بَليغة، وعبارة أخلاقية مُعجِزة، تُضاف إلى مجموع معجزاته صلى الله عليه وسلم في باب الأخلاق والتشريع.
وجُملة القول: أنَّ السنَّة النبوية نموذج عملي، ومذكرة تفسيرية شاملة لجميع موضوعات القرآن الكريم، ومن ضمنها الجوانب الأخلاقية؛ فهي تطبيق عملي، وتفسير حيٌّ لها، ومعلوم بالضرورة أنه ليس من أحد أفهم للقرآن الكريم منه صلى الله عليه وسلم، فهو مُبلِّغه للناس عن ربه - عز وجل - بل هو أعظم مَن أفصَحَ عن معانيه الخالدة.
ويذكر - هنا - أنه صلى الله عليه وسلم لم يقدِّم تفسيره للقرآن في أقوال منطوقة فحسب، أو بين دفَّتي كتاب يقرأ فقط، ولكنه قدم هذا التفسير وذلك الفهم من خلال حياته العملية والدعوية كلها، فكانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها ترجمة فعلية حية لأخلاق القرآن الكريم، وقد اشتملت هذه الأخلاق العامة على جزء مهمٍّ منها، وهو ما يعرف بأخلاق العمل والعمال.




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #2



 
 عضويتي » 171
 جيت فيذا » Oct 2017
 آخر حضور » 07-14-2020 (08:43 PM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 21,875
الاعجابات المتلقاة » 298
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » المهره is a splendid one to beholdالمهره is a splendid one to beholdالمهره is a splendid one to beholdالمهره is a splendid one to beholdالمهره is a splendid one to beholdالمهره is a splendid one to beholdالمهره is a splendid one to behold
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 

المهره غير متواجد حالياً

افتراضي



حقاً تستحق التقدير على هذا المجهود الرائع والكبير
موضوع جميل جداً استمتعت به
ننتظر منك المزيد من الابداع
اتمنى لك السعاده والتوفيق..




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #3



 
 عضويتي » 258
 جيت فيذا » Feb 2018
 آخر حضور » 09-08-2020 (02:39 AM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 22,864
الاعجابات المتلقاة » 129
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » رواية will become famous soon enoughرواية will become famous soon enough
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 

رواية غير متواجد حالياً

افتراضي



كالعادة ابداع رائع وطرح يستحق المتابعة

شكراً لك بانتظار الجديد القادم

دمت بكل خير




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #4



 
 عضويتي » 66
 جيت فيذا » Jul 2017
 آخر حضور » 07-29-2021 (08:18 PM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 17,495
الاعجابات المتلقاة » 261
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » عمري لك is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 

عمري لك غير متواجد حالياً

افتراضي



موضوع في قمة الروعه لطالما كانت مواضيعك متميزة

لا عدمنا التميز و روعة

دمت لنا ودام تالقك الدائم




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #5



 
 عضويتي » 127
 جيت فيذا » Sep 2017
 آخر حضور » 04-28-2020 (03:58 AM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 15,310
الاعجابات المتلقاة » 128
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سنين الغربة is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
 

سنين الغربة غير متواجد حالياً

افتراضي



شكرآ جزيلا على الموضوع الرائع و المميز

واصل تالقك معنا في المنتدى بارك الله فيك

ننتظر منك الكثير من خلال ابداعاتك المميزة

لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #6



 
 عضويتي » 193
 جيت فيذا » Oct 2017
 آخر حضور » 06-13-2019 (01:34 AM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 8,853
الاعجابات المتلقاة » 174
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » مجنونه فيك is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك
قناتك  » قناتك
ناديك  » اشجع
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 

مجنونه فيك غير متواجد حالياً

افتراضي



يعطيككَ العافيه لَا حرمنا منَ إبداعك ..
بَإنتظار جديدك المتميز بَ كل شوق
وَ تواجدك المتألق ..
لَـ روحك أطيب الورد وَ إكليل الزهر ..
دمت بَ حفظ المولى




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #7



 
 عضويتي » 216
 جيت فيذا » Nov 2017
 آخر حضور » 04-28-2020 (03:58 AM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 11,546
الاعجابات المتلقاة » 148
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  » mbc
آلعمر  » جدة
الحآلة آلآجتمآعية  » Saudi Arabia
 التقييم » حنين is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك ahli
قناتك  » قناتك Adobe Photoshop 8 CS
ناديك  » اشجع 7up
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 

حنين غير متواجد حالياً

افتراضي



طرح رائع وانتقاء مميز حماك الله واسعدك..
يعطيكـ الف عافيه على الطرح الرائع
لا حرمنا من إبداعكـ ..
ب إنتظار جديدكـ المتميز و تواجدك المتألق
ل قلبكـ طوق الياسمين




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #8



 
 عضويتي » 379
 جيت فيذا » May 2018
 آخر حضور » 07-11-2020 (03:29 PM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 11,842
الاعجابات المتلقاة » 80
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  » mbc
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  » Saudi Arabia
 التقييم » عطر المساء is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك naser
قناتك  » قناتك Adobe Photoshop 7,0
ناديك  » اشجع cola
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
 

عطر المساء غير متواجد حالياً

افتراضي



سعدت جداً بتواجدي بين
طيآت متصفحك الرآقي
سلمت أناملك على هذا الجمال ..
فكل الشكر لسموك ..
بإنتظآر جديدك بكل شوق ..
لروحك جنآئن الورد




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #9



 
 عضويتي » 114
 جيت فيذا » Sep 2017
 آخر حضور » 04-10-2024 (05:54 PM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 21,338
الاعجابات المتلقاة » 407
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  » mbc4
آلعمر  » المدينة
الحآلة آلآجتمآعية  » Saudi Arabia
 التقييم » دلع has much to be proud ofدلع has much to be proud ofدلع has much to be proud ofدلع has much to be proud ofدلع has much to be proud ofدلع has much to be proud ofدلع has much to be proud ofدلع has much to be proud of
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك hilal
قناتك  » قناتك Adobe Photoshop 7,0
ناديك  » اشجع al-rabie
مَزآجِي  » مزاجي
أس ام أس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 

دلع غير متواجد حالياً

افتراضي



كل الشكـــر لك على هالطرح الأكثــر من رااائــــع ..
لا عدمنا هالتمييز و الابدااع ,,
بأنتظااار جديدك بكل شوق
تقــــديري و آحتــرآمي




رد مع اقتباس
قديم 05-04-2019, 07:37 AM   #10



 
 عضويتي » 369
 جيت فيذا » May 2018
 آخر حضور » 05-29-2021 (03:00 AM)
مواضيعي »
آبدآعاتي » 14,696
الاعجابات المتلقاة » 52
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  » abudhabi
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  » Saudi Arabia
 التقييم » النجلاء is on a distinguished road
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك  »مشروبك ithad
قناتك  » قناتك Adobe Photoshop 7,0
ناديك  » اشجع 7up
مَزآجِي  » مزاجي
 آوسِمتي »
 

النجلاء غير متواجد حالياً

افتراضي



فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـً العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـً
بإنتظَآرَجَديِدكًـ بشغفَ




رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أخْلآقْ, السُنةِ, العَملُ, النَبويةِ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd


new notificatio by 9adq_ala7sas
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79