|
#1
|
||||||||||||
|
||||||||||||
كيف (تستفيد) من ذكريات الماضي؟
كيف (تستفيد) من ذكريات الماضي؟
د. فايز بن عبدالله الشهري بلا جدال تعدّ ذكريات الماضي جزءا مهمّا من تكوين شخصيّة الانسان وتشكيل وعيه ببيئته ومستقبله. كثيرون بيننا يجعلون من ذكريات الماضي وجعا يوميّا لمن حولهم بكثرة سرد المواقف والمعاناة التي واجهوها في دروب الحياة. وآخرون يضعون مثل هذه الذكريات في صندوق أسود اختزنوه وكأن البوح بها او مجرد تذكّرها خطيئة تستوجب الستر والكتمان. وهكذا نسير مع الذكريات كل بحسب ما تطبعه خبرات ماضيه في عقله وروحه وربما جسده من وسوم. ومن العجيب ان بعضنا لا يتفكّر وهو يسجل مواقفه في حقيقة أن هذه المواقف (المكتومة الحزينة) ستصطف مع بقيّة الخبرات لتراكم الأسى عليه وعلى من حوله. وبمراجعة سريعة نجد أن الذكريات في حياة الانسان قد لا تخرج عن ثلاثة أصناف، ذكريات (سعيدة)، وأخرى (مؤلمة)، والثالثة تلك المواقف (العاديّة) التي نتّخذها في المواقف (غير العاديّة) ثم نردد بقيّة العمر استغرابنا من تخاذلنا في حين كان ينبغي لنا - وقد كنّا قادرين - ان نكون وقتها مبادرين إيجابيين. ومن هنا فإننا حين نستحضر حلاوة الذكريات السعيدة (مثلا) فأقلّ ما ينبغي علينا نحوها تعمّد تكرارها خاصة تلك التي اسعدنا فيها الناس او انتصرنا فيها على النفس الأمارة أو امتنعنا فيها عن الانتصار للذات او الانسياق وراء اللذات. ومن الذكريات السعيدة تلك التي تتذكر معها بعض المواقف التي منحت فيها بسمة على شفاه محروم وكيف كانت بركة ذلك الموقف وبهجتك بقرارك. ما الذي يمنع من تكرار الموقف ذاته مع محروم ينتظر مبادرة من مثلك؟ انّها سلطة التردد ممزوجة بمخادعة التبرير. لا تتردّد حينما تسنح لك فرصة لتسجيل موقف ناصع البياض.. نعم اعزم ولا تحتَر حتى تجد في مواقفك يوما ما رصيدا احتياطيا يمنحك القوة وطيب الحياة. أنت تتذكر أنك حين أنكرت ذاتك ذات يوم وقدّمت لغيرك شيئا يحتاجه مؤثرا رغبة نفسك لم تمنع رزقا مكتوبا لك ولم تحرم نفسك من خير لم يكتبه الله لك. بل لعلّك بهذا الموقف وقيت نفسك من أن تعتاد (الاثرة) لا الايثار فسلم قلبك وانقاد عقلك واكتنزت موقفا حميدا لا تنساه. اما المواقف المؤلمة التي كنت طرفا فيها فأجمل دروسها ألا تسلك ذات المسلك اليوم وغدا بل عليك ان تجاهد لتحول دون حدوثه ان أراده غيرك.. كيف يصحّ لعاقل يتذكر موقفا مؤلما ثم لا يهتبل الفرصة حينما تلوح ويصحح التاريخ في نفسه او عند غيره؟ اما المواقف (العاديّة) الباردة التي اتخذتها في المواقف (الاستثنائيّة) التي انتظرت منك الحسم الإيجابي فأنت تتذكرها اليوم بغصّة وتردد ليتني فعلت ليتني قلت.. لنقل ان الماضي لن يعود فأنت لا تملكه.. ولكن المؤكد أن المستقبل ملكك وهو ما تفعله اليوم في مثل ذات المواقف والأحداث التي مررت بها في الماضي دون موقف محمود. نعم ستتكرّر المواقف وستتجدّد الاحداث امامك فما انت فاعل؟ اعلم أن الحصيف وحده من يعتبر من دفاتر الماضي ويسجل انتصاراته الجديدة على دوافع تردده القديم في مواقف باتت محطات الندم اليوم. انها المواقف الناصعة وحدها التي تجعل للأيام معنى ومنها وبها تستضيء الروح في رحلتها بقيّة أيام العمر التي لا نعرف كم بقي منها. كثيرون منا ينشغلون في حاضرهم بتبرير إخفاقهم وتخاذلهم في مواقف ماضية كان ينبغي ان ينتصر فيها للمروءة والنبل. ولكنهم - واعجباه - لم يتساءلون وهم يراجعون تبريرات مواقفهم القديمة ذكرياتهم: هل تستطيع مسكِّنات التبرير ان تداوي علل الذكريات حينما تستيقظ في وحشة الليل وتجدد الحزن القديم. يا صاحبي حينما تجد ان المبررات تلحّ عليك للتخاذل في موقف يطلبه تاريخك فراجعها على ميزان (لذّة وألم) الذكريات في تاريخ قادم تكون قد غادرتك فيه ضغوط اللحظة وإلحاح الانتقام وإغراء حب النفس أرجو أن تحاول. |
10-04-2018, 09:01 AM | #2 |
|
طرح رائع راق لي كثيرا
وبطاقات طرحك ولا أروع لاحرمنا الله من إبداعك سلمت وسلمت مواضيعك الراقية كنت هنا وراق لي إبداعك |
|
10-04-2018, 11:15 AM | #3 |
|
طرح قمه الروعه في والجمال
سلمت اناملك ويعطيك العافيه علي مجهودك في أنتظار المزيد من عطائك والمزيد ومواضيعك الرائعة والجميله ودائما في إبداع مستمر |
|
10-04-2018, 07:29 PM | #5 |
|
طـٍـــرٌح في منٍتهى ـآ الَروٍعُة يُعٌطِيًــــك رَبِيُ العٌـــــآِفًيُــــــة ْ ْإِبْدَآَع ٌ فيٍ ْكُلِ زَآْوِيْةٍ لِحٍضُورَكٍ اَلْرَآقِي ْ وَآفِـــرُ اَلْشُـــكر |
|
10-04-2018, 08:43 PM | #6 |
|
سلمت يمنيك على هذا الابداع
كلمات مميز وقمة في الجمـــال إبداع متألق ومداد لايجف من قلمك لكل حرف شكر لروحك |
|
10-04-2018, 10:31 PM | #7 | ||
|
|
||
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
(تستفيد), الماضي؟, ذكريات |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ذكريات مضت | ارتواء نبض | مسآحة بلا حدود للمواضيع عامة | 22 | 07-25-2020 09:32 PM |
رسم ذكريات بعد خطوات الحياة | عنيده | مسآحة بلا حدود للمواضيع عامة | 21 | 04-04-2020 06:40 PM |
كيف لك أن تستفيد من يوم الجمعة | عنيده | ۩ كل ما يتعلق بالدين الاسلامي ۩ | 20 | 09-28-2019 06:27 AM |
كيف تستفيد من سير العظماء | ميروَ | ۩ كل ما يتعلق بالدين الاسلامي ۩ | 11 | 09-11-2018 03:53 PM |
ذكريات الاماكن بعبق الماضي | أمير المحبه | مسآحة بلا حدود للمواضيع عامة | 10 | 03-01-2018 11:49 AM |