قصة سيدنا محمد وأحداث بيعة العقبة الأولى والدروس المستفادة

11 سنة كاملة والكفار يؤذون النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويكيدون ويفعلون كل المكائد والخطط الشريرة لايذاء المسلمين، ولكن المسلمون أثبتوا قوتهم وصمودهم وثباتهم، فكم تحملوا الكثير وصبروا على أذى الكافرين لانهم يعلمون أنهم على الحق والصواب وأن الكفار على باطل وهذا الباطل لن يدوم طويلا مهما فعلوا بقوتهم
كل عام كان الناس يأتون من كل مكان ليحجوا عند الكعبة كما علمهم سيدنا ابراهيم عليه السلام، وحدث أنه في أحد الايام سافر بعض من الناس من المدينة المنورة إلى مكة كي يحجوا وكان عددهم 6 رجال، وشاهدهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وسألهم من أنتم، فقالوا انهم أناس من قبيلة اسمها الخزرج، فسألهم النبي: هل يعيش بجانبكم اليهود؟ فقالوا نعم، فقال لهم النبي هل يمكنكم الجلوس معي حتى أحدثكم في أمر ما، فوافقوا، وقال لهم النبي الكريم أنه نبي من عند الله وأن الله اختاره حتى يعلم كل الناس كيف يعبدوا الله وقرأ نبينا عليه الصلاة والسلام على مسامعهم القرآن الكريم، فنظروا لبعض في دهشة وقالوا فعلا نحن عرفنا من اليهود الذين يعيشون معنا في المدينة أن الله سيختار نبي وكانوا دائما ما يغيظوننا ويقولوا أن الله سيختار نبي وأنهم أي اليهود سيتبعونه ويسمعون اوامره قبل أي أحد من الناس، وكانوا يقولون لنا أنهم سيحاربونا ويقتلونا، والآن قد عرفنا أنك النبي الذي بعثه الله لنا واننا سوف نتبعك ونؤمن بك ونقف بجانبك وندافع عنك، وحينما نرجع مدينتنا سنخبر الناس أن الله بعث محمد نبي لجميع الناس وسوف نعلمهم كل ما علمتنا إياه، واتفقوا مع نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم أنهم سيتقابلون ثانية في العام القادم وقت الحج
وحينما رجع الخزرج لمدينتهم أخبروا أهلهم أن الله اختار النبي كما كان يقول اليهود، وأخذوا يعلمون الناس الاسلام، وأصبحوا 12 مسلما.
و بعد عام كامل تقابل 12 رجلا من الخزرج ثانية في الحج مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مكان يسمى العقبة.
بنود اتفاق بيعة العقبة الأولى

واتفق النبي معهم على اتفاق وهو أن يعاهدوه على عبادة الله الواحد الأحد وألا يسرقوا أو يقتلوا، ولا يكذبوا ولايفعلوا أي شر وأن يتبعوا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم لو اتبعوا هذا الاتفاق سيكتب الله لهم حسنات ويدخلهم الجنة، كما روي عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وهو أحد هؤلاء الرّجال الذين بايعوا النبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم في بيعة العقبة الأولى، فقال أنّ محمد صلى الله عليه وسلم قال لهم: (تَعالَوا بايعوني علَى أنْ لا تُشرِكوا باللَّهِ شيئاً، ولا تَسرِقوا، ولا تَزْنوا، ولا تَقتُلوا أولادَكُم، ولا تأتُوا بِبُهتانٍ، تَفتَرونَهُ بين أيديكُم وأرْجُلِكُم، ولا تَعصوني في مَعروفٍ، فمن وفَى منكُم فأجرُهُ على اللَّهِ، ومن أصابَ من ذلكَ شيئاً فَعوقِبَ بهِ في الدُّنيا فهُو لَه كَفَّارَةٌ، ومن أصابَ من ذلك شيئاً فسَتَرَهُ اللَّهُ فأمْرُهُ إلى اللَّهِ، إنْ شاءَ عاقَبَهُ، وإنْ شاءَ عفا عنه).
وقد سمي هذا الاتفاق بيعة العقبة الأولى، وافق الرجال على كلام النبي، واتفقوا على أن يتقابلوا العام التالي أيضا في موسم الحج، وأرسل معهم النبي مصعب بن عمير حتى يعلم الناس كيف يقرأون القرآن بشكل صحيح، ويعلمهم أصول دين الاسلام.
أطلق أهل الخزرج على مصعب بن عمير “مقريء المدينة” لأنه هو من علمهم قراءة القرآن، وكان المسلمون يحبوه كثيرا.
دروس مستفادة من بيعة العقبة الأولى

كانت بيعة العقبة الأولى حدثا هاما ومؤثرا في بناء الدّولة الإسلاميّة، فقد كانت ارادة الله تعالى ان تكون نصرة وعزة الاسلام من المدينة المنوّرة وليس من مكّة المكرّمة برغم أنّها البلد التي ولد ونشأ فيها النبي وهذا يدل على أن الاسلام ليس دين يخص قبيلة أو دولة بعينها ولكنه دين عالمي لكل البشرية،كما أراد الله عز وجل أن يكافئ المسلمين والنبي العظيم على صبرهم الطويل وتحملهم لأذى الكفار لعدة سنوات بنصره ليدلل على أهمية الصبر والكفاح من اجل نشر دعوة الاسلام العظيمة. كما كان اهم نتائج بيعة العقبة الأولى هو ترك العنصرية القبلية بدخول الانسان دين الاسلام، كما تدرّج النبي في بيان أحكام الشريعة الاسلامية فلم يفرض على أهل المدينة الجهاد في بيعة العقبة الأولى.