المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أحكام الدعاء


اميرة الحرف
05-13-2017, 11:24 PM
إنَّ الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرورِ أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يضللْ الله فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 -71].

أمَّا بعدُ:
فمِن أعظمِ القُرَب سؤال الله، وطلب الحاجات منه سبحانه، وطلب رفْع المكاره، بالدعاء يُظهر العبدُ افتقارَه لربِّه وانكساره بيْن يديه؛ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

كلُّ واحدٍ منَّا بحاجةٍ إلى سؤال الله أن ييسِّر له أمورَه الدينيَّة والدنيويَّة، يسأل ربَّه ذلك في صلاتِه وخارجَ صلاته؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اللهمَّ أصلِحْ لي دِيني الذي هو عِصمةُ أمري، وأصلِحْ لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلِحْ لي آخِرتي التي فيها معادي، واجعلِ الحياةَ زيادةً لي في كلِّ خير، واجعلِ الموت راحةً لي من كلِّ شر))؛ رواه مسلم (2720).

ويَجمع خيري الدنيا والآخِرة سؤال الله حَسَنة في الدنيا، وفي الآخِرة حَسَنة، فهذا مِن جوامعِ الدُّعاء؛ سأل قتادةُ أنسًا: أي دعوة كان يدعو بها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أكثرَ؟ قال: كان أكثر دعوة يَدْعو بها، يقول: ((اللهمَّ آتِنا في الدنيا حَسَنة وفي الآخرة حَسَنة، وقِنا عذاب النار))، قال: وكان أنسٌ إذا أراد أن يدعوَ بدعوة دعَا بها، فإذا أراد أن يدعوَ بدعاءٍ دعا بها فيه؛ رواه مسلم (2690).

قال ابنُ كثير في "تفسيره" (1/558) جمعتْ هذه الدعوةُ كلَّ خيرٍ في الدنيا، وصرفَتْ كلَّ شرٍّ، فإنَّ الحسنة في الدنيا تشمل كلَّ مطلوب دُنيوي؛ مِن عافية، ودار رحبة، وزوْجة حَسَنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالِح، ومَرْكب هنِيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملتْ عليه عباراتُ المفسِّرين، ولا منافاة بينها، فإنَّها كلها مندرجةٌ في الحَسَنة في الدنيا.

وأما الحَسَنة في الآخرة فأعْلى ذلك دخولُ الجنة وتوابعه مِن الأمْن من الفزَع الأكبر في العَرَصات، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخِرة الصالحة، وأمَّا النجاة من النار فهي تَقْتضي تيسيرَ أسبابِه في الدنيا، مِن اجتنابِ المحارم والآثام وترْك الشُّبهات والحرام" اهـ.

يتأكَّد الدعاءُ في السَّفَر، فهو من مظِنَّة إجابة الدُّعاء، وذِكر الله لتشهدَ له الأرض ومَن فيها يوم القِيامة للداعي؛ فعن أبي هُريرةَ أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا كان في سَفَر وأسْحَر يقول: ((سمِع سامعٌ بحمدِ الله وحُسْنِ بلائِه علينا، ربَّنا صاحِبْنا وأفْضِلْ علينا، عائذًا بالله مِن النار))؛ رواه مسلم (2718).

فكان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدعو بهذا الدعاءِ آخِرَ الليل في السَّفَر يحمد ربَّه، ويُثني عليه ويسأله من فضله ويستعيذه من النار، ويطلب مِن مَنْ يسمعه أن يشهد له عندَ ربِّه.

قال ابنُ الأثير في "النهاية في غريب الأثر" (2/401): "أي: لِيسْمَع السامعُ، وليَشْهَد الشاهد، حَمْدَنَا للَّه على ما أحْسَن إلينا وأولانا مِن نِعَمه، وحُسْن البلاء النِّعْمة، والاخْتِبار بالخير؛ ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهرَ الصَّبْر" اهـ.

وممَّا يُنهَى عنه في الدُّعاء ربْطه بالمشيئة، فلا يقول الداعي مثلاً: الله يجزيك خيرًا إنْ شاء الله، أو الله يوفِّقك إنْ شاء، ونحو ذلك؛ فعن أبي هُرَيرةَ قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يقولنَّ أحدُكم: اللهمَّ اغفرْ لي إن شئتَ، اللهمَّ ارحمني إن شئتَ، ليعزمْ في الدعاء، فإنَّ الله صانعٌ ما شاء لا مُكرِهَ له))؛ رواه البخاري (6339) ومسلم (2679)، وفي رواية له: ((ليعزم المسألةَ وليعظم الرغبةَ، فإنَّ الله لا يتعاظَمه شيءٌ أعطاه))، فالنهي عن الاستثناءِ في الدُّعاء، وهو قول: إنْ شاءَ الله؛ لأنَّ اللفظ يُفهِم معنًى باطلاً، فكأنَّ الداعي مستغنٍ عن حاجته، فهو يُخيِّر ربَّه، وأيضًا الذي يُخيَّر هو مَن يُكرَه على الفِعل، والله منزَّهٌ عن ذلك.

فالبعض يخلط بيْن الدعاء والفِعل، فيُعلِّقهما بالمشيئة، والذي يُعلَّق بالمشيئة هو الفِعْل مستقبلاً لا الدعاء، فيستحب للواحدِ منَّا أن يقول: سأفعل كذا إنْ شاء الله؛ لقول ربِّنا - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلاَّ أَنْ يَشَاء اللَّهُ ﴾ [الكهف: 23 - 24].

فيجوز للواحد منَّا أن يطلُبَ ممَّن ظاهرُه الصلاح أن يدعوَ له؛ ففي قصَّة قُدوم أويس القرَني مع أمدادِ أهل اليمن قال له عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنِ استطعتَ أن يستغفرَ لك فافعلْ))، فاستغفرْ لي فاستغَفَرَ له؛ رواه مسلم (2542)، فطلَب عمر - رضي الله عنه - من أُويس القَرَني أن يدعوَ له بالمغفرة.

وهذه التابعيَّة أمُّ الدرداء الصُّغْرى زوجة أبي الدرداء - رضي الله عنه - تقول لزوج الدرداء صفوان بن عبدالله: أتريد الحجَّ العام؟ فقال: نعم، قالت: فادْعُ الله لنا بخير... الحديث أخرَجَه مسلم (2733).

فسَلَف هذه الأمَّة يسألون الصالحين ويُوصونهم بالدعاءِ لهم في المواطِن التي هي مَظِنَّة الإجابة، لكن ليس هذا دَيدنهم، فالمنقول عنهم قضايا خاصَّة، وبهذا يتبيَّن خطأُ البعض حينما يطلب الدعاءَ مِن كلِّ مَن يرى، والأصل أنَّ الدعاءَ عبادةٌ يدعو الشخص ربَّه، فيستجيب له مِن غير واسطة.

الخطبة الثانية


الدعاء للمؤمنين وصيةُ الله لرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]، والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - يَدْعُون للمؤمنين، فهذا أبو الأنبياء خليلُ الرحمن - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41].

وهذا نوح - عليه السلام - يقول: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].

وأثْنَى الله على سَلَفِ هذه الأمَّة الذين يَدْعُون لإخوانهم المؤمنين؛ ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

ومَن يدعو لإخوانِه المسلمين جزاؤُه مِن جنس عملِه، فيدعو له مَن لم يتلبَّس بالذنوب والمعاصي، فعن أبي الدرداءِ - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((دعوةُ المرءِ المسلِم لأخيه بظَهْر الغَيْب مُستجابةٌ، عندَ رأسه ملَك مُوكَّل، كلَّما دعا لأخيه بخير، قال الملَك المُوكَّل به: آمين، ولك بمِثل))؛ رواه مسلم (2733).

فلْنحرِصْ على أن ندعوَ لإخواننا المسلمين، والدعاء سرًّا أفضلُ، فهو دليلٌ على صِدْق الداعي وإخلاصه، ندعو لأنفسنا وخاصَّتِنا مِن ذرية وأقارب وأصدقاء، وندعو لعمومِ المسلمين ولخاصَّتِهم، فلنخصَّ وُلاةَ أمور المسلمين بدعوةٍ، فصلاحُهم صلاحٌ للأمة.

كأنِّي بك أخي تقول: حُكَّام المسلمين ونُوَّابهم فيهم كَيْتَ وكَيْتَ، فأقول: ومِن أجْل ذلك يتأكَّد الدعاءُ لهم، ولكلِّ مَن تولَّى للمسلمين أمرًا، فبِهِدايتهم يعلو الحقُّ ويضعُف الباطل، فكم مِن خَيْر يُجريه الله على أيديهم، وكم مِن باطل يُميته الله بسببهم!

حتى الكافر يُدْعَى له بالهداية؛ فعن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - قَدِم الطفيل بن عمرو على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسولَ الله، إنَّ دوسًا قد عصَتْ وأبَتْ فادعُ الله عليها، فظنَّ الناس أنه سيدعو عليهم، فقال: ((اللهمَّ اهْدِ دوسًا وأتِ بهم))؛ رواه البخاري (6397) ومسلم (2524)، فهَدَاهم الله وأتوا مُسلمين.

ويجوز الدعاءُ على المعتدي من الكفَّار؛ فعن أنس بن مالك قال: دعا رَسولُ اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الذين قَتَلوا أصحابَ بِئر معونة ثلاثين صباحًا، يدعو على رِعْل وذكوان، ولحيان وعُصيَّة؛ رواه البخاري (4095) ومسلم (677).

مِن مظانِّ إجابةِ الدعاء الثُّلُث الأخير مِن الليل، فليكنْ لنا نصيبٌ مِن القيام فيه، ولو كان يسيرًا نُناجي ربَّنا ونسأله خيري الدُّنيا والآخِرة؛ فعن أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - أنَّ رَسولَ اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يَنزِل ربُّنا - تبارك وتعالى - كلَّ ليلة إلى السماءِ الدنيا حين يَبقَى ثُلُثُ الليل الآخِر، يقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسألُني فأعطيَه؟ مَن يستغفرني فأغفرَ له؟))؛ رواه البخاري (1145) ومسلم (758).

لنُنزِلْ حوائجنا وما أهمَّنا بربِّنا، ولنثقْ بالإجابة، ونُحسن الظنَّ به؛ فيدُ اللَّه مَلْأَى لا تَغيضُها نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ.

عنيده
05-14-2017, 12:39 AM
طرح جميــــــــــــل..

ومجهود رآئع ومفعم بآلجمال وآلرقي..


يعطيك آلعافيه على هذآ آلتميز ..


وسلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك ,,~


كنت هنا
خواطر عاشق

اميرة الحرف
05-14-2017, 12:51 AM
لاحرمت طلتك الجميلة
انرت الموضوع باطلالتك
العبقة لك ارق التحايا

اميرة الحرف
05-14-2017, 12:51 AM
لاحرمت طلتك الجميلة
انرت الموضوع باطلالتك
العبقة لك ارق التحايا

إحساس الورد
05-14-2017, 10:05 PM
http://www.karom.net/up/uploads/13343230531.gif

اميرة الحرف
05-14-2017, 11:56 PM
لاحرمت طلتكم الجميلة
انرتم الموضوع باطلالتكم
العبقة لكم ارق التحايا

اميرة خواطر
05-17-2017, 01:01 AM
.
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
ألــــف شــــكـــــر
http://sl.glitter-graphics.net/pub/600/600423a90gwy5jg6.gif
.

سلمُ لنا هذُا الذوُوُق الذُي يقطفُ لنا
وسلم لنا هذا القلم المميز
اجمًل العبارات وٌاروعهـــا
ماننحرُم منُ ذائقتُك الجميلهُ والمميزهُ
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذا العطاء
ل روحك الجووري

اميرة خواطر
http://ka3a.com/vb/image.php?u=4&dateline=1492215950&type=profile
http://www.tratel3asheq.com/vb/images/1.gif

http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif

اميرة الحرف
05-17-2017, 07:55 PM
لاحرمت طلتكم الجميلة
انرتم الموضوع باطلالتكم
العبقة لكم ارق التحايا

عاشق الجنان
05-18-2017, 04:04 PM
(’)
.
دَام عَطَائِكْ.. يَآطُهرْ..
وَلَا حَرَّمْنَا أَنْتَقَائِكْ الْمُمَيِّز وَالْمُخْتَلِف دَائِمَا
حَفِظَك الْلَّه مِن كُل مَكْرُوْه ..
*
تَحِيّه مُعَطَّرَه بِالْمِسْك.., ,

اميرة الحرف
05-24-2017, 05:21 AM
لاحرمت طلتكم الجميلة
انرتم الموضوع باطلالتكم
العبقة لكم ارق التحايا

ضامية الشوق
05-24-2017, 09:20 PM
سلمت يمنــآك
طرح جميل جدا

اميرة الحرف
05-24-2017, 10:01 PM
لاحرمت طلتكم الجميلة
انرتم الموضوع باطلالتكم
العبقة لكم ارق التحايا

أمير المحبه
06-08-2017, 08:53 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري