المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عِظَمُ الجَزاءِ ()"


اميرة الحرف
06-21-2017, 08:31 PM
عِظَمُ الجَزاءِ ()"



الحَمْدُ للهِ وَحدَه ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على مَن لا نبيَّ بعدَه . وبعد ،

كُلُّنا يَرجُو من اللهِ الثَّواب ، ويلتمِسُ الأسبابَ التي تُوصِلُه لذلك .
فذُنُوبُنا كثيرةٌ ، وأعمالُنا قليلة لا تُبلِّغُنا ، وأعمارُنا قصيرةٌ .

قد تضعُفُ صِحَّتُنا عن الصِّيام ، وقد ننامُ الليلَ فلا نستطيعُ القيامَ ،
وقد لا نملكُ مالًا به نتصدَّقُ ، ونخطُو خُطواتٍ بطيئةٍ نحو الخير قدر استطاعتِنا .

فيَا مَن تُريدُ الثَّوابَ ،
يا مَن تبحثُ عن الأجر ،
يا مَن تتمنَّى مَحْوَ ذُنُوبِكَ ،
يا مَن ترجُو تكفيرَ خَطاياكَ ،
توقَّف قليلًا ، انظُر حولَكَ ، تفكَّر في حياتِكَ ،
تأمَّل ما أنتَ فيه وما أصابَكَ .

أتعلَمُ أنَّ كُلَّ ما تُريدُه قد يكونُ بين يديكَ وأنتَ لا تشعُر ؟!
أتعلَمُ أنَّكَ قد تُعايشُه في كُلِّ لَحظةٍ وأنتَ له غيرُ مُنتبِه ؟!

نعم ، لا تستغرِب .
فقط أسألُكَ : هل أنتَ مُبتلَى ؟

ابتلاكَ اللهُ بزوجِكَ ؟ ابتلاكَ بابنِكَ ؟ ابتلاكَ بعَدم الإنجاب ؟
ابتلاكَ بمَرضٍ ؟ ابتلاكَ بفقد أحبابٍ وأصحابٍ ؟

فتِّش في حياتِكَ ، حتمًا ستَجِدُ ابتلاءً قد أصابَكَ .

قد تتساءَلُ : كيف يكونُ الابتلاءُ مَصدرًا لِكُلِّ ما ذكرت ؟

سأُخبِرُكَ بذلك في عِدَّة نِقاطٍ ، فتأمَّل معي :

1- الابتلاءُ يكونُ بالشَّرِّ ، ويكونُ بالخير ، قال اللهُ تعالى :
(( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )) الأنبياء/35 .
فقد يكونُ المَرضُ ابتلاءً وقد تكونُ الصِّحةُ ابتلاءً ،
وكذلك الفقرُ والغِنَى ، والشُّغلُ والفَراغ ، وهكذا .
ولا تستغرِب كُونَ الخير ابتلاءً ، فإذا نظرتَ لِمَن مَنَّ اللهُ عليه بالمال ،
ستَجِدُ هذا المالَ ابتلاءً ؛ لأنَّه قد يَستخدِمُه في الشَّرِّ ويُفسِدُ به .
وكذلك مَن رَزَقه اللهُ الصِّحةَ ، قد يَستخدِمُها في مَعصيةِ الله ؛
فيَسرِق ، أو يَزني ، أو يَسُبُّ ويلعَنُ وينمُّ ويغتابُ ،
أو يُشاهِدُ الحَرامَ ، ويسمعُ الحَرامَ ، ويسيرُ إلى الحَرام .

2- كُلُّ أمر المُؤمن خيرٌ ، يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( عجبًا لأمرِ المُؤمنِ ، إنَّ أمرَه كُلَّه خيرٌ ، وليس ذاك لأحدٍ إلَّا للمُؤمنِ ،
إن أصابته سَرَّاءُ شَكَرَ فكان خيرًا له ، وإن أصابته ضَرَّاءُ صَبَرَ
فكان خيرًا له )) رواه مُسلِم . فشُكرُكَ في السَّرَّاءِ خيرٌ ،
وصَبرُكَ على البلاءِ والضَّرَّاءِ خير .

3- بالشُّكر تزيدُ النِّعَم ، قال اللهُ تعالى : (( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )) إبراهيم/7 .
لَئن شكرتُم اللهَ تعالى على نِعَمِهِ ، لَيَزيدنَّكم مِن فَضلِهِ .
وتخيَّل لو سَلَبَ اللهُ منك كُلَّ النِّعَم وترك لكَ فقط النِّعَمَ التي شكرته عليها ،
كم سيَبقَى معكَ من نعمة ؟! رُبَّما لن يبقى معكَ شيءٌ لأنَّكَ لا تشكُر رَبَّكَ
سُبحانه على ما مَنَّ به عليكَ .

4- نِعَمُ اللهِ تعالى علينا كثيرةٌ ، لكنَّنا لا نرَى إلَّا النِّعَم التي تُوجَدُ عند غيرنا
ولا تُوجَدُ عندنا . فلتعلَم أنَّ النِّعَم عند البَشر تتفاوت ، وما مَنَّ اللهُ بِهِ عليكَ
قد لا تراه عند غيرك . واللهُ سُبحانه وتعالى لا يَظلِمُ أحدًا .

5- النِّعمةُ التي تستحِقُّ أن نغبِطَ غيرَنا عليها هِيَ نعمة الطَّاعةِ والاستقامةِ
على الدِّين ، أمَّا ما سِواها مِن نِعَم الدُّنيا فهِيَ متاعٌ زائِلٌ . يقولُ اللهُ تعالى :
(( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ )) النساء/77 . ويقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( انظروا إلى مَن أسفلَ منكم ، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقَكم ، فهو أجْدَرُ
أن لا تزدروا نعمةَ اللهِ )) قال أبو معاويةَ : ( عليكم ) رواه مُسلِم .
ففي العِباداتِ والطَّاعاتِ وأمُور الآخِرة ننظُرُ إلى مَن هو أعلى مِنَّا وأفضل
وأكثر قُربًا من الله سُبحانه ، وفي أمور الدُّنيا ننظُرُ إلى مَن هو أسفل مِنَّا
وأقلُّ حظًّا ومالًا ؛ حتى لا نحقِرَ ما عندنا مِن نِعَم ونستصغِرها
ونسعى في طلب الدُّنيا .

6- أفضلُ نِعمةٍ مَنَّ اللهُ تعالى بها علينا نِعمةُ الإسلام ،
فكم مِنَ الناس قد حُرِمُوا هذه النِّعمةِ ! وكم مِنَ الناس يعبدونَ الصُّلبان
والأصنام ويعبدون بشرًا مِثلهم ويعبدون ما لا يَملِكُ لهم ضَرًّا ولا نَفعًا !

7- كُلُّ مُؤمِنٍ مُبتلَى ، ومَن رأى ابتلاءاتِ غيره هان عليه ابتلاؤه
وصَغُرَ في عينه ، وحَمِدَ اللهَ على ما هو فيه وسألَه العافيةَ .

8- حالُ الإنسان في الدُّنيا مُتقلِّبٌ ، ما بين غِنَى وفقر ، وصِحَّةٍ ومَرض ،
وحُزنٍ وفَرح ، وشُغلٍ وفَراغ . فلا تحزَن لطُولِ البَلاءِ ، ولا تفرَح
بكثرةِ النَّعماءِ وزيادة الرَّخاءِ .

9- يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ،
ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الناسُ على قدْرِ دينِهم ، فمَن ثَخُنَ دينُه اشْتدَّ بلاؤُه ،
ومَن ضَعُف دينُه ضَعُف بلاؤه ، وإنَّ الرجلَ لَيُصيبُه البلاءُ حتى يمشيَ
في الناسِ ما عليه خطيئةٌ )) صحيح الجامع .
استشعِر هذا الفضل وهذا الأجر يا مَن أراد اللهُ تطهيركَ مِن ذُنُوبِكَ بالابتلاءِ ،
وتذكَّر أنَّه كُلَّما زاد إيمانُكَ وقَوِيَ كُلَّما زاد ابتلاؤكَ ، وأنَّه مهما كان ابتلاؤك
فلن يُساوي شيئًا أمام ابتلاءاتِ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ .

10- تأمَّل هذا الفضل الذي ذكره نبيُّكَ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - في قوله :
(( إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ ؛ وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم ،
فمَن رَضِيَ فله الرِّضَا ، ومَن سَخِطَ فله السُّخطُ )) صحيح الجامع .
فكُلَّما زاد ابتلاؤك زاد أجرُكَ وثوابُكَ .
هل يُصبِّرُكَ على ما أصابَكَ أن تعلَمَ أنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّكَ ،
وأراد بهذا الابتلاءِ أن يختبرِكَ ويرى مَدَى صبركَ ورضاكَ بقَدَرِه ؟!
هل يُصبِّرُكَ أنَّ تعلمَ أنَّ ما أنتَ فيه من ابتلاءٍ دليلٌ على حُبِّ اللهِ تعالى لَكَ ؟!
فإن رَضِيتَ وصبرتَ واحتسبتَ فلكَ الثَّوابُ والأجرُ ،
وإن غَضِبتَ وسَخِطتَ ولم ترضَ فلكَ من الله العذابُ .

11- لا تشكُ ابتلاءَكَ للناس ، فإنَّهم ضِعافٌ قاصِرون ، لن ينفعوكَ بشيءٍ ،
بل ارضَ بقضاءِ اللهِ تعالى ، واصبِر ، واسأله سُبحانه رَفْعَ البلاءِ وكشفَ الكُربةِ .

12- يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( ما يُصيبُ المُسلِمَ مِن نَصَبٍ - تَعب -
ولا وَصَبٍ - مرض - ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ، ولا أذًى ولا غَمٍّ ، حتى الشَّوْكَةِ يُشاكُها ،
إلَّا كَفَّرَ اللهُ بِها مِن خَطاياهُ )) مُتفقٌ عليه .
فلا تغضَب إذا تعثَّرتَ في طريقٍ وكِدتَ تسقُطُ على الأرض ،
ولا تحزَن إذا اصطدمتَ بشيءٍ سَبَّبَ لكَ ألمًا ، ولا تَسُبّ المرضَ ،
واصبِري إذا آلَمَكِ الحَيْضُ ، فكُلُّه تكفيرٌ للخطايا .
وكم نحنُ بحاجةٍ لِمَا يُخَفِّفُ عنَّا شيئًا من أوزارنا وذُنُوبنا .

13- اصبِر لِكُلِّ مُصيبةٍ وتَجَلَّدِ ... واعلَم بأنَّ المَرءَ غيرُ مُخلَّدِ
وإذا ذكرتَ مُصيبةً تسلو بها .... فاذكُر مُصابَكَ بالنبيِّ مُحَمَّدِ
يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( إذا أصاب أحدَكم مُصيبةٌ ،
فلْيذْكرْ مُصيبتَه بي ، فإنَّها من أعظمِ المصائبِ )) صحيح الجامع .
‹‹ ومن أعظم المصائب في الدنيا مَوتُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؛
لأنَّ المُصيبة به أعظم من كُلِّ مُصيبةٍ يُصابُ بها المُسلم ؛
لأنَّ بمَوته - صلَّى الله عليه وسلَّم - انقطع الوَحْيُ من السماء
إلى يوم القيامة ، وانقطعت النُّبُوَّاتُ ، وكان مَوتُه أوَّلَ ظُهُور الشَّرِّ
والفساد بارتدادِ الذين ارْتَدُّوا عن الدِّين من الأعراب ، فهو أوَّل انقطاع
عُرَى الدِّين ونُقصانه ، وغير ذلك من الأمور التي لا تُحصَى .
قال أنس بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه : ( ما نَفَضنا أيدينا من التُّراب من قبر
الرسول - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - حتى أنكرنا قلوبنا ) رواه ابن ماجه ››
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب .

14- عِش بقلبِكَ لَحظاتٍ تأمُّليَّةٍ مع حديثِ نبيِّكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
(( يُؤتَى بأنعمِ أَهلِ الدُّنيا من أَهلِ النَّارِ يومَ القيامةِ ،
فيُصبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً - يُغْمَسُ غَمْسَةً - ثمَّ يُقالُ : يا ابنَ آدمَ ،
هل رأيتَ خيرًا قطُّ ؟ هل مَرَّ بِكَ نعيمٌ قطُّ ؟ فيقولُ : لا واللهِ يا رَبِّ .
ويُؤتَى بأشدِّ النَّاسِ بُؤسًا - شِدَّةً ومَشَقَّةً ومِحنةً - في الدُّنيا من أَهلِ الجنَّةِ ،
فيُصبَغُ صَبْغَةً في الجنَّةِ ، فيُقالُ لهُ : يا ابنَ آدمَ ، هل رأيتَ بُؤسًا قطُّ ؟
هل مَرَّ بِكَ شدَّةٌ قطُّ ؟ فيقولُ : لا واللهِ يا رَبِّ ، ما مَرَّ بي بُؤسٌ قطُّ
ولا رأيتُ شِدَّةً قطُّ )) رواه مُسلِم .
فغَمْسَةٌ واحِدةٌ في الجَنَّةِ تُنسيك متاعِبَ الدُّنيا كُلَّها وآلامَها وأحزانَها
وهُمومَها وغُمُومَها ومَصائِبَها ، ألَا يجعلُكَ ذلك تحمد اللهَ تعالى
على ما أنتَ فيه ، وتسأله من فضله ؟!

15- وأخيرًا ، انظُر لِسَعَةِ فضل اللهِ سُبحانه ، وعظيم جزائِهِ ، وجميل ثوابه ،
(( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )) الزمر/10 . فلم يُرتِّب اللهُ
سُبحانه على الصَّبر أجرًا مُعيَّنًا ، وهذا مِمَّا يَدُلُّ على فضيلةِ الصَّبر .
‹‹ قال الأوزاعيُّ : ليس يُوزَنُ لهم ولا يُكالُ ، إنَّما يُغْرَفُ لهم غَرْفًا ››
تفسير ابن كثير .


وإذا رأيتَ مُبتلَىً - أيًّا كان نَوْعُ ابتلائِهِ - فقُل : (( الحمدُ للهِ الذي عافَانِي
مِمَّا ابْتلاكَ به ، وفَضَّلَنِي على كَثيرٍ مِمَّنْ خلق تَفضِيلًا )) صحيح الجامع .
قُلها في نفسِكَ ولا ترفَع بها صوتِكَ أو تقولَها في وَجهِهِ ؛
كَيْ لا تُؤذِيَ مشاعِرَه . فمَن قال ذلك (( لَمْ يُصِبْهُ ذلكَ البلاءُ )) .


رَزَقني اللهُ وإيَّاكم الصَّبرَ على البلاءِ والشُّكر على النَّعماءِ ،
وجمعنا في أعالي الجِنان ()

ضامية الشوق
06-21-2017, 08:34 PM
سلمت يمنــآك
طرح جميل جدا

أمير المحبه
06-22-2017, 02:06 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

MA$TER
06-23-2017, 02:01 AM
بارك الله فيك
جزاك الله كل خير
في ميزان حسناتك إن شاء الله

اميرة خواطر
06-24-2017, 08:26 AM
.
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
ألــــف شــــكـــــر
http://sl.glitter-graphics.net/pub/600/600423a90gwy5jg6.gif
.

سلمُ لنا هذُا الذوُوُق الذُي يقطفُ لنا
وسلم لنا هذا القلم المميز
اجمًل العبارات وٌاروعهـــا
ماننحرُم منُ ذائقتُك الجميلهُ والمميزهُ
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذا العطاء
ل روحك الجووري

اميرة خواطر
http://ka3a.com/vb/image.php?u=4&dateline=1492215950&type=profile
http://www.tratel3asheq.com/vb/images/1.gif

http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif

الامير
06-24-2017, 08:39 AM
طرح رائع
يعطيك العافيه