المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات قرآنية : وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ


اميرة الحرف
06-21-2017, 08:16 PM
وقفات قرآنية : وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ♥


قال تعالى:
{إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ
الْمِسْكِينِ} [الماعون: 1-3]
{وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}


{إِنه كان لا يُؤمن بالله العظيم} تعليل لاستحقاق العذاب،
ووصفه تعالى بالعظيم؛ للإيذان بأنه المستحق للعظمة وحده،
فمَن نَسَبَها لنفسه استحقّ أعظم العقوبات { ولا يَحُضُّ على طعام المسكين}
أي: لا يحث على بذل طعام غيره،
فضلاً عن أن يبذل ماله،
وقيل: ذكر الحض للتنبيه على أنَّ تارك الحضّ إذا كان بهذه المنزلة،
فما ظنك بتاركه؟ وفيه دلالة على أنَّ الكفار مخاطبون بالفروع،
وأنَّ أقبح العقائد الكفر،
وأشنع الرذائل البخل وقسوة القلب،
وفيه أيضاً إشارة إلى أنه كان لا يؤمن بالبعث،
لأنَّ إطعام المساكين إنما يرجى جزاؤه يوم القيامة،
فإذا لم يؤمن بالبعث لم يكن له ما يحمله على إطعامهم،
وفيه دليل على عِظم جُرم حرمان المساكين؛
لأنّه عطفه على الكفر، وجعله دليلاً عليه وقرينَه

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يحضّ
[الحاقة:33-34ٍ] [الفجر:18]

امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين،

ويقول: خلَعْنا نصفَ السلسلة بالإيمان،

فلنخلع نصفها بهذا، أي: الصدقة. (1)

اقتبس ذلك من الآية فإنه جعل استحقاق السلسلة

معللاً بعدم الإيمان وعدم الحض،

وتخصيص الأمرين بالذكر قيل لما أن أقبح العقائد

الكفر وأشنع الرذائل البخل وقسوة القلب.

وعطف {ولا يحض} على {لا يؤمن} داخل في العلة،

وذلك يدل على عظم ذنب من لا يحض على إطعام المسكين،

إذ جعل قرين الكفر، وهذا حكم ترك الحض،

فكيف يكون ترك الإطعام؟ والتقدير على إطعام طعام المسكين.


وأضاف الطعام إلى المسكين من حيث لم ينسبه إليه،

إذ يستحق المسكين حقاً في مال الغني الموسر ولو بأدنى يسار؛

وللعرب في مكارمهم وإيثارهم آثار عجيبة غريبة بحيث لا توجد في غيرهم،

وما أحسن ما قيل فيهم:

على مكثريهم رزق من يعتريهم .. وعند المقلين السماحة والبذل (2)


وفيه دليل على تعظيم الجرم في حرمان المساكين

لأن الله تعالى عطفه على الكفر وجعله قرينه.

قال الحسن في هذه الآية: أدركت أقواماً

يعزمون على أهليهم أن لا يردوا سائلاً.

وعن بعضهم أنه كان يأمر أهله بكثير

المرقة لأجل المساكين، ويقول: خلعنا نصف السلسلة بالإيمان

أفلا نخلع النصف الثاني بالإطعام.(3)


وجملة {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}

في موضع العلة للأمر بأخذه وإصلائه الجحيم.

ووصف الله بالعظيم هنا إيماء إلى مناسبة عظم العذاب

للذنب إذ كان الذنب كفرانا بعظيم فكان جزاء وفاقا.


والحض على الشيء: أن يطلب من أحد

فعل شيء ويلح في ذلك الطلب.


ونفي حضه على طعام المسكين يقتضي بطريق

الفحوى أنه لا يطعم المسكين من ماله لأنه إذا كان لا يأمر
غيره بإطعام المسكين فهو لا يطعمه من ماله، فالمعنى
لا يطعم المسكين ولا يأمر بإطعامه، وقد كان أهل الجاهلية يطعمون في الولائم،

والميسر، والأضياف، والتحابب، رياء وسمعة.

ولا يطعمون الفقير إلا قليل منهم.

وقد جعل عدم الحض على طعام المسكين

مبالغة في شح هذا الشخص عن المساكين

بمال غيره وكناية عن الشح عنهم بماله،

كما جعل الحرص على إطعام الضيف كناية عن الكرم. (4)


قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}

فيه عطف عدم الحض على طعام المسكين على
عدم الإيمان بالله العظيم مما يشير إلى أن الكافر يعذب على الفروع. (5)


«الحضُّ»: الحثُّ على الفعل والحرص على وقوعه

، ومنه حروفُ التحضيض المبوب لها في النحو؛

لأنَّه يطلب بها وقوع الفعل وإيجاده،

فبيَّن تعالى أنه عذِّب على تركِ الإطعامِ،

وعلى الأمر بالبخلِ كما عذِّب بسبب الكُفْرِ. (6)


وأضاف «الطعام» إلى { المسكين} من حيث له إليه نسبة ما،

وخصت هذه الخلة من خلال الكافر بالذكر لأنها من

أضر الخلال في البشر إذا كثرت في قوم هلك مساكنهم. (7)


{ولا يَحُضُّ على طعامِ المِسْكِينِ} أي لا يفعله ولا يأمر به،

وليس الذم عاماً حتى يتناول من تركه عجزاً،

ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم يقولون

{أنطعم من لو يشاءُ الله أطْعَمَهُ} فنزلت هذه الآية فيهم،

ويكون معنى الكلام لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عجزوا. (8)


هل الكافر الذي يحض على طعام المسكين،

يكون عذابه أقل من الكافر الذي لا يحض على طعام المسكين؟

الجواب: القواعد تشير إلى الإفادة بنعم،

فإن الكفار دركات:

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}

[النحل:88]،

فللكفر عذاب، وللصد عن سبيل الله عذاب فوق العذاب،

وأيضاً: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا

سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ

خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}
[العنكبوت:12-13]. (9)

{كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون

على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما}

أي ألا فارتدعوا أيها الماديون الذين تقيسون

الأمور كلها بمقاييس المادة فالله جل جلاله يوسع

الرزق اختبارا للعبد هل يشكر نعم الله عليه

فيذكرها ويشكرها بالإِيمان والطاعة ويضيّق

الرزق امتحانا هل يصبر العبد لقضاء ربه أو يجزع.

وإنما أنتم أيها الماديون ترون أن في التوسعة اكراما

وفي التضييق إهانة كلا ليس الأمر كذلك،

ونظريتكم المادية هذه أتتكم من حبّكم الدنيا

واغتراركم بها ويشهد بذلك إهانتكم لليتامى

وعدم إكرامكم لهم لضعفهم وعجزهم أمامكم،

وعدم الاستفادة المادية منهم. وشاهد آخر

أنكم لا تحضون أنفسكم ولا غيركم على إطعام

المساكين وهم جياع أمامكم، وآخر أنكم

تأكلون التراث أي الميراث أكلا لما شديدا

تجمعون مال الورثة من الأطفال والنساء إلى أموالكم.

وتحرمون الضعيفين الأطفال والنساء.

وآخر وتحبون المال حبا جما أي قويا شديدا.

كلا ألا ارتدعوا واخرجوا من دائرة

هذه النظرية المادية قبل حلول العذاب،

ونزول ما تكرهون. فآمنوا بالله ورسوله. (10)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) البحر المديد: 6/402

(2) البحر المحيط: 10/343

(3) تفسير الخازن: 6/155

(4) التحرير والتنوير: 29/128

(5) أضواء البيان: 8/261

(6) اللباب في علوم الكتاب: 15/446

(7) المحرر الوجيز: 6/412

(8) النكت والعيون: 4/461

(9) سلسلة التفسير لمصطفى العدوي

(10) أيسر التفاسير للجزائري: 4/397

ضامية الشوق
06-21-2017, 08:33 PM
سلمت يمنــآك
طرح جميل جدا

شموخ النبض
06-22-2017, 01:54 AM
الله يجزاك كل خير على مجهودك
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك

أمير المحبه
06-22-2017, 02:04 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

MA$TER
06-22-2017, 05:27 PM
بارك الله فيك
جزاك الله كل خير
في ميزان حسناتك إن شاء الله

ديفا
06-22-2017, 08:47 PM
http://www.karom.net/up/uploads/13343251571.gif

جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. "
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ
" آلتًقُوِىَ " وً " آلغفرآنَ "
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!
http://www.karom.net/up/uploads/13280917632.gif

اميرة خواطر
06-24-2017, 08:12 AM
.
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
ألــــف شــــكـــــر
http://sl.glitter-graphics.net/pub/600/600423a90gwy5jg6.gif
.

سلمُ لنا هذُا الذوُوُق الذُي يقطفُ لنا
وسلم لنا هذا القلم المميز
اجمًل العبارات وٌاروعهـــا
ماننحرُم منُ ذائقتُك الجميلهُ والمميزهُ
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذا العطاء
ل روحك الجووري

اميرة خواطر
http://ka3a.com/vb/image.php?u=4&dateline=1492215950&type=profile
http://www.tratel3asheq.com/vb/images/1.gif

http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif