المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تربية وتعليم الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم


عاشق الجنان
05-18-2017, 11:58 PM
لم يفتر المشركون عن إيذاء رسول اللهَ صلَى اللهَ علَيه وسَلم وصحابته، منذ أن صدع بدعوته إلى أن خرج من بين أظهرهم، وأظهره اللهَ عليهم، ومع ما له صَلى اَلله علَيه وسَلم من عظيم القَدْر والمنزلة، إلا أنه قد حظي من البلاء بالحِمْل الثقيل، والعناء الطويل، منذ أول يومٍ صدع فيه بالدعوة، فكانت فترة رسالته صلَى اللهَ علَيه وسَلم وحياته سلسلة متصلة من المحن والابتلاء.. فما وهن لما أصابه في سبيل الله، بل صبر واحتسب، وأعطى أصحابه القدوة في التحمل والصبر، والثبات على دين اللهَ والدعوة إليه، وربَّاهم على ذلك.
ومن ثَمّ فقد تحمل الصحابة -رضوان اللهَ عليهم- من البلاء العظيم ما تنوء به الجبال، وبلغ بهم الجَهْد ما شاء اللهَ أن يبلغ، لكنهم ثبتوا، وضربوا لنا المثال في الصبر والثبات، ومِنْ هؤلاء الرجال الذين رباهم النبي صَلى اللهَ عليَه وسلَم خباب بن الأرت رضي اَلله عنه..
في صحراء مكة، التي كانت تلفح بالحر الشديد، كان خباب لا يزال دون العشرين من عمره، وهو من أوائل من آمن بدعوة النبي َصلَى اَلله عَليه وَسلم، وأظهر إسلامه، وكان -رضي اللهَ عنه- مولى لأم أنمار بنت سِباع الخزاعية، فلما علمت بإسلامه عذَّبته بالنار، وكانت تأتي بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره ورأسه، ليكفر برسول اَلله صلىَ اللهَ عَليه وسَلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيمانًا. وكذلك كان المشركون يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه على النار، ثم سحبوه عليها، فما أطفأها إلا شحم ظهره.
وقد تحدث خباب -رضي اللهَ عنه- عن بعض ما كان يلقى من المشركين من سوء معاملة، ومساومة على الحقوق حتى يعود إلى الكفر، فقال -فيما رواه البخاري-: "كنت قينًا (حدادًا) في الجاهلية، وكان لي على العاص بن وائل السهمي دَيْن فأتيته أتقاضاه، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: والله لا أكفر حتى يميتك اللهَ ثم تبعث. فقال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قلت: بلى. قال: دعني حتى أموت ثم أبعث فسوف أُوتي مالاً وولدًا فأقضيك (أعطيك)، فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا} [مريم: 77] إلى قوله: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: 80].
قول خباب: "والله لا أكفر حتى يميتك اللهَ ثم تبعث".
قال ابن حجر: "مفهومه أنه يكفر حينئذ، لكنه لم يُرِدْ ذلك؛ لأن الكفر حينئذٍ لا يُتصور،
فكأنَّه قال: لا أكفر أبدًا".
ولما زاد ضغط المشركين وتعذيبهم للمسلمين المستضعفين، شكا خباب إلى النبي صلَى اللهَ عليَه وسَلم، فقال: «شكونا إلى رسول اللهَ صلَى اللهَ عليَه وسلَم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو اَلله لنا؟ قال صَلى اَلله عليَه وسلَم: كان الرجل فيمن قبلكم، يُحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللهَ أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» (البخاري).
وفي رواية أحمد قول خباب: (شكونا إلى رسول اللهَ صَلى اللهَ عَليه وسَلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: يا رسول الله، ألا تستنصر اَلله تعالى لنا؟ فجلس محمرًا وجهه...).
وهذا الأسلوب في الطلب من خباب -رضي اَلله عنه- حين قال: "ألا تدعو لنا؟ ألا تستنصر لنا؟" يوحي بما وراءه، وأنه صادر من قلوب أتعبها العذاب، وأنهكها الجهد، وهدتها البلوى، فهي تلتمس الفرج العاجل، وتستبطئ النصر فتستدعيه، ومع ذلك احمرَّ وجهه صلَى اَلله عَليه وسلَم، وقعد من ضجعته، وخاطب أصحابه بهذا الأسلوب القوي المؤثر، ثم عاتبهم على الاستعجال بقوله: «ولكنكم تستعجلون»؛ لأنه صلَى اَلله عليَه وسلَم يريد أن يربي أصحابه على أن قبْل النصر البلاء والصبر..
فالرسل وأتباعهم يُبْتلون ثم تكون لهم العاقبة، قال اللهَ تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:110]،
وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].
إن من يتأمل ذلك الموقف الذي كان يعيشه خبّاب بن الأرت -رضي اَلله عنه- يدرك أن له من المبررات الكثير، لكن النبي صلىَ اللهَ عَليه وسَلم أراد أن يربي الصحابة -ومن يأتي بعدهم- على الصبر والثبات وعدم الاستعجال، وعلى التأسي بالسابقين من الأنبياء والمرسلين وأتباعهم، الذين تحملوا الأذى في سبيل الله، وضرب لهم الأمثلة في ذلك. كما كان صلَى اللهَ عَليه وسَلم يملأ قلوبهم بالتعلق بما أعدَّه اللهَ في الجنة للمؤمنين الصابرين من النعيم، وعدم الاغترار بما في أيدي الكافرين من زهرة الحياة الدنيا.
ومع ما هم فيه من شدة وبلاء، فتح لهم صَلى اللهَ عليهَ وسَلم باب البشرى والأمل في التطلع للمستقبل الذي ينصر اللهَ فيه الإسلام، ويذل فيه أهل الذل والعصيان، فقال: «والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا اَلله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون».
ولم تكن هذه البشارات وغيرها التي يبشر بها النبي صلَى اَلله عَليه وَسلمَ أصحابه - مخفية مستورة، بل كانت معلنة مكشوفة، يعلمها الكفرة، كما كان يعلمها المسلمون، حتى كان الأسود بن المطلب وجلساؤه إذا رأوا أصحاب النبي صلَى اَلله علَيه وسَلم تغامزوا بهم، وقالوا: قد جاءكم ملوك الأرض الذين يرثون كسرى وقيصر، ثم يصفرون ويصفقون.
ولم يزل الرسول صَلى اللهَ عليهَ وسلَم يغذي أرواح أصحابه بمعاني الإيمان، ويزكي نفوسهم بالقرآن، ويحدو بنفوسهم إلى منازل سمو الروح وحسن الخلق، ويأخذهم بالصبر على الأذى والبلاء، والصفح الجميل، حتى ازدادوا ثباتًا على الدين، وتحليًا بالصبر، وعزوفًا عن الشهوات، وحنينًا إلى الجنة.
وإذا كان الاعتداء والإيذاء قد نال رسول اَلله صَلى اللهَ عَليه وَسَلم وصحابته الكرام، فلم يعد هناك أحد هو أكبر من الابتلاء والمحنة، وتلك سُنَّة من سنن اللهَ في خَلقه، وعلى ذلك ربَّى رسول اللهَ صلَى اللهَ علَيه وسَلم أصحابه..
عن أبي سعيد الخدري -رضي اَلله عنه- قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما علَيه خطيئة» (ابن ماجه).
ومن ثَمّ فلا ينبغي للمسلم أن يضعف إذا ما عانى شيئًا من المشقة والابتلاء، في طريق سيره ودعوته إلى الله، فقد سبقه في ذلك رسول اللهُ صلَى اللهَ عَليه وسلُم وأصحابه، فلا يستعجل الثمرات والنتائج، وليعلم أنه كلما اشتد الظلام أوْشك طلوع الفجر، وكلما ازدادت المحن والابتلاءات، قرُب مجيء النصر، قال اللهُ تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
إسلام ويب.

عنيده
05-19-2017, 12:56 AM
طرح جميــــــــــــل..

ومجهود رآئع ومفعم بآلجمال وآلرقي..


يعطيك آلعافيه على هذآ آلتميز ..


وسلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك ,,~


كنت هنا
خواطر عاشق

ديفا
05-19-2017, 12:59 AM
يعطيك العاافيه على طرحك
دام عطائك ودام تميّزك
ارق التحايا لك

أمير الحرف
05-19-2017, 04:35 PM
جزاك الله خيرا
وجعله في موازين حسناتكم
واثابكم الاجر والثواب
مودتي

إحساس الورد
05-19-2017, 04:55 PM
بارك الله فيك
و جزاك الله خيرا

اميرة خواطر
05-20-2017, 03:17 AM
.
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
ألــــف شــــكـــــر
http://sl.glitter-graphics.net/pub/600/600423a90gwy5jg6.gif
.

سلمُ لنا هذُا الذوُوُق الذُي يقطفُ لنا
وسلم لنا هذا القلم المميز
اجمًل العبارات وٌاروعهـــا
ماننحرُم منُ ذائقتُك الجميلهُ والمميزهُ
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذا العطاء
ل روحك الجووري

اميرة خواطر
http://ka3a.com/vb/image.php?u=4&dateline=1492215950&type=profile
http://www.tratel3asheq.com/vb/images/1.gif

http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif
http://up.arabseyes.com/uploads2013/17_09_13137944515883486.gif

أمير المحبه
06-08-2017, 08:58 AM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري